| تُثبتُ المجتمعات في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن اتخاذ إجراءاتٍ فعّالة ضدّ التلوّث البلاستيكي ليس ممكنًا فحسب، بل يجري بالفعل على أرض الواقع، مؤكّدين أن الحلول تبدأ من الناس ومن التزامهم المباشر تجاه بيئتهم. |
يسلّط تقرير غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الجديد ” مشكلة عالمية، وحلول محلية: دور مجتمعات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مواجهة التلوث البلاستيكي” الضوء على المبادرات المحلية التي تتصدّى لأزمة تتفاقم باستمرار. ويقدّم التقرير دراسات حالة من مصر ولبنان والإمارات العربية المتحدة والمغرب وتونس والمملكة العربية السعودية، توثّق كيف تحقق الجهود المجتمعية آثارًا ملموسة قابلة للتوسّع عبر مختلف أنحاء المنطقة.
لماذا هذا التقرير الآن؟
التلوّث البلاستيكي يهدّد السواحل والأنهار والأنظمة البيئية وسُبل العيش المحلية. وعلى الرغم من تزايد الاهتمام الوطني بمبادئ الاقتصاد الدائري، فإن الأنظمة الرسمية ما تزال عاجزة عن مواكبة حجم هذا التحدّي. في المقابل، تلعب المبادرات الشعبية، المتجذّرة في التقاليد والخبرة الحياتية والمعرفة المحلية، دوراً رئيسياً في معالجة مشكلات لم تتمكّن الأنظمة الوطنية حتى الآن من إيجاد الحلول لها. وتُسهِم هذه المبادرات في تغيير المواقف العامة، توسيع الوعي، وابتكار حلول تُعالج مراحل مختلفة من دورة حياة البلاستيك، بدءاً بالوقاية والتوعية، وصولاً إلى التنظيف والاستعادة، بمعنى إعادة الحياة إليها.
يُظهر التقرير أن التغيير الحقيقي جارٍ بالفعل في مختلف أنحاء المنطقة، تقوده مجتمعات تبادر إلى اتخاذ الإجراءات في ظلّ محدودية القدرات المؤسّسية. وتشمل هذه المبادرات نماذج مبتكرة لتنظيف النفايات، وجهودًا شبابية لحماية السواحل، وبرامج علمية تُسهم في إنتاج معرفة قيّمة، بالإضافة إلى مبادرات تعليمية وجهود في التنظيم المجتمعي، تعزّز الثقة والفهم الجماعي.
ماذا يتضمّن التقرير؟
يُجري التقرير تقييمًا لكل مبادرة واردة فيه ضمن سياقها الوطني، بما في ذلك البيئة السياسية، والظروف الاجتماعية والاقتصادية، والأولويات البيئية. ويكشف هذا التحليل أن العمل المجتمعي لا يكمّل الاستراتيجيات الوطنية فحسب، بل يوفّر في كثير من الأحيان قيادة أساسية في المواضع التي تواجه فيها الأنظمة الحكومية قيودًا. وتُسهم هذه الجهود الشعبية في التأثير على الرأي العام، وتزويد صنّاع القرار بالمعلومات، وتقديم أمثلة عملية يمكن تكييفها وتكرارها في بيئات متنوعة داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وفي عالم لا يُعاد تدوير أكثر من 10 في المئة من البلاستيك فيه، يهدف التقرير إلى تزويد الممارسين والباحثين والمنظمات غير الحكومية وقادة الشباب والمجتمعات بنماذج تبعث على الأمل وتقدّم اتّجاهاً واضحاً، كما تشجّع على مزيد من العمل الإقليمي وتكرار المبادرات الناجحة التي يوثّقها.
أبرز المبادرات الواردة في التقرير:
· مصر – “فيري نايل” (VeryNile): مبادرة اجتماعية أُطلقت في العام 2018 تحت مظلّة المنصّة البيئية بَسِيطة (Bassita)، وتتمحور مهمّتها حول إزالة النفايات البلاستيكية من نهر النيل وتحويلها إلى فرصة اجتماعية واقتصادية.
· لبنان – ائتلاف إدارة النفايات: حركة من حركات المجتمع المدني تضمّ خبراء تقنيّين وناشطين ومنظمات، وتسعى إلى تحقيق قطاعٍ متكامل بالفعل لإدارة النفايات في لبنان وتعزيز الاقتصاد الدائري.
· المملكة العربية السعودية –”برستين” (Pristine): منظمة غير ربحية أُنشِئت في العام 2022 لمعالجة الفجوة بين الوعي البيئي واستدامة العمل في المملكة العربية السعودية، عبر جعل الأنشطة البيئية ممتعة ومتاحة للجميع.
· المغرب – “سورف رايدر” (Surfrider Foundation Maroc): مبادرة تُبرز نموذجًا ناجحًا للحراك المجتمعي، وتجمع بين العمل المباشر مثل تنظيف الشواطئ، والتعليم، والمناصرة القائمة على البيانات لمعالجة التلوّث البلاستيكي على الساحل المغربي.
· تونس – “أزرقنا الكبير” (Notre Grand Bleu): منظمة غير حكومية تعتمد على العلم ومتجذّرة في المجتمع، أسّسها غوّاصون وباحثون محلّيون في العام 2012، وتتمحور مهمتها حول حماية الحياة البحرية والساحلية في تونس وتنميتها على نحوٍ مستدام.
· الإمارات العربية المتحدة – مشروع تمكين حماة المحيطات التابع لـ”غومبوك” (Goumbook): نموذج مبتكر للتثقيف بشأن المحيطات والبحوث التي يجريها عامة الناس، يحوّل الشباب من متلقّين سلبيّين للمعلومات البيئية إلى مُنتِجين فاعلين للمعرفة العلمية.
حمّل التقرير لاستكشاف كيف تقود المجتمعات في مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الطريق نحو مستقبل أكثر نظافة وصحة.