
جائزة اقتصاد الرفاه في دولة الإمارات تلهم حركة نحو التغيير وتقدّم تعريفاً جديداً للنّجاح! |
في عالم يُقاس فيه النجاح الاقتصادي غالباً استناداً إلى هوامش الربح ونمو الناتج المحلّي الإجمالي، تشهد الإمارات العربية المتّحدة تحوّلاً هادئاً. فجائزة غرينبيس الإمارات العربية المتحدة لاقتصاد الرفاه، التي تُنظَّم للعام الثاني، ليست مجرّد منافسة كسِواها – بل هي دعوة جامعة لبناء مستقبل لا يقتصر فيه تعريف الازدهار على الأرقام وجداول البيانات، بل يتمحور حول الناس والكوكب والغاية.
ما أهمية هذه الجائزة؟
في العام 2023، وسط استعداد دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين COP 28، برز سؤالٌ ملحّ: كيف يمكن للنموّ الاقتصادي أن يخدم الناس والكوكب، بدلاً من أن يسعى حصراً إلى تحقيق الأرباح؟
للإجابة على هذا السؤال، أطلقت منظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جائزة اقتصاد الرّفاه، التي لم تكن مجرّد منافسة أكاديمية كسِواها – بل شكّلت تحدّياً لإعادة تعريف معايير التقدُّم. نُظِّمَت الدورة الأولى من الجائزة بالتعاون مع جامعة أبو ظبي. أما في الدورة الثانية، التي أُقيمَ حفلها في 10 نيسان/أبريل 2025، فعقدت المنظمة شراكة مع جامعة عجمان وشبكة المناخ الجامعية للاستفادة من الزّخم القائم ومواصلة إلهام الطلاب لتولّي زمام القيادة واقتراح رؤى لمستقبل عادل ومستدام.
وقالت المديرة التنفيذية لغرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، غوى النكت: “يوفّر حفل جائزة اقتصاد الرفاه في دولة الإمارات منصّة مُلهمة للاحتفاء بالأبحاث الرائدة، ويمثّل خطوة نحو تبنّي نماذج تنموية تضع الاستدامة ورفاه الإنسان في صميم أولوياتها.. وفي هذا الصدّد، فإنَّ النماذج الاقتصادية التقليدية التي اقتصر تركيزها على النموّ أفضت إلى اللامساواة، وألحقت ضرراً بالبيئة وسبّبت تحدّيات اجتماعية، في حين أنَّ اقتصاد الرفاه يتيح بديلاً فعالاً، ويرسي مفاهيم جديدة للرّخاء، مع التركيز على جودة الحياة والعدالة الاجتماعية واستدامة كوكب الأرض. واليوم، تعدُّ دولة الإمارات في طليعة هذه المسارات”.

تدعو الجائزة الطلاب والباحثين إلى إعادة تعريف معنى “التقدُّم”. وفيما يستعدّ العالم لاستضافة مؤتمر الأطراف في دورته الثلاثين (COP 30) في البرازيل، تسلّط هذه المبادرة الضوء على تحوّل جوهري، حيث يجب على الأنظمة الاقتصادية أن تخدم الإنسان، وليس العكس.
وأضافت النكت: “من خلال التعاون مع المؤسسات الأكاديمية والباحثين والشركاء من المعنيّين وأصحاب المصلحة، نهدف إلى بناء اقتصاد يثمّن صحة الإنسان والطبيعة، واستشراف مستقبلٍ مزدهر تتّحد فيه الاستدامة والرفاه. وتُثبِت المشاريع التي فازت أنّ الاستدامة والرفاه ليسا مفهومَيْن مثاليَّيْن ومجرّدَيْن – بل هذا هدف قابل للتحقيق، وعملي، وملحّ”.
من اندفع إلى المشاركة؟ وجوه التغيير
وُجِّهَت الدعوة داخل دولة الإمارات، وحثّت المشاركين على إعادة تعريف الازدهار. وشملت الفئات المؤهّلة للمشاركة:
· طلّاب البكالوريوس
· الباحثون والأكاديميون المستقلون
· الجهات الحكومية المبتكرة (القادرة على صياغة سياسات فعلية)
تولّت لجنة من الخبراء المتميّزين في مجالات الاقتصاد المستدام، والتعليم، السياسات تقييم المساهمات المقدّمة. ويمكنكم التعرّف إلى أعضاء لجنة الخبراء عبر هذا الرابط.
تعرّفوا إلى صانعي التغيير
الفائزون بجائزة هذا العام لم يقدّموا أوراقاً بحثية فحسب – بل أنتجوا خرائط طريق لمستقبل أفضل، ما لبثت أن حظيت بتقدير واهتمام واسعَيْن سواء في الأوساط الأكاديمية أو الحكومية.

تخيلوا ألواحاً شمسية عالية الكفاءة تُمكّن مجتمعات بأكملها من توفير الطاقة بتكلفة معقولة. هذا ما يُبشر به هذا الإنجاز.
وقالت بيان: “إن الفوز بجائزة اقتصاد الرفاه يُذكرنا بأن الابتكار المُتجذر في الاستدامة يُمكن أن يُحدث تغييراً حقيقياً – فمشروعنا لخلايا كبريتيد القصدير والنحاس والزنك الشمسية لا يساهم في تحقيق أهداف الطاقة النظيفة فحسب، بل يُظهِر أيضاً كيف يُمكن للعقول الشابة أن تبني حلولاً تحمي الناس وكوكب الأرض”.

لا يقيس الناتج المحلي الإجمالي السعادة أو الصحة أو القدرة البيئية على الصمود. أما نموذج الدكتور الصعيدي الذكي فيستخدم مؤشراتٍ لتتبع ما هو مهمٌ حقاً. ويتمثّل هدفه في صياغة سياسات تُعطي الأولوية للإنسان.

ماذا لو حاكت الاقتصادات النظم البيئية؟ استلهم هذا الفريق من طلاب البكالوريوس فكرتهم من المحاكاة الحيوية والأخلاقيات لاقتراح مستقبل ما بعد النفط، حيث يكون النموّ دائرياً، وليس استخراجياً.
وقالت نجلاء: “إن الفوز بجائزة اقتصاد الرفاه عن بحثنا بعنوان “اقتصادات ازدهار الصحراء” ليس مجرد تقدير لجهودنا، بل هو دعوةٌ للعمل. إنه يؤكد أنه حتى في قلب الأراضي القاحلة، يمكن لمستقبلٍ جديد أن يزدهر عندما نبني اقتصاداتنا على أساس الرعاية والتوازن والقيم غير المتمحورة حول الإنسان”.
(صورة الفائز) الفائزة بجائزة أفضل مهندسة مشاريع حكومية، نوال الهنائي، من وزارة الطاقة والبنية التحتية، عن مشروعها “بناء اقتصاد مستدام قائم على جودة حياة: مسار الإمارات نحو مستقبل مرن من خلال التحوّل في مجال الطاقة”.
الصورة الأشمل
لا تقتصر جائزة اقتصاد الرفاه على تكريم الفائزين فحسب، بل تهدف أيضاً إلى:
· سدّ الفجوات بين الأوساط الأكاديمية وصانعي السياسات والمجتمعات.
· تعزيز البدائل والأصوات التي غالباً ما تُهمَل في النقاشات الاقتصادية.
· بناء إرثٍ يُعزّز دور الإمارات العربية المتحدة كرائدة في مجال الاستدامة.

وبدوره، قال الدكتور كريم الصغير، مدير جامعة عجمان: “تجدد جامعة عجمان، باعتبارها مؤسسةً غير ربحية، التزامها بالاستدامة والابتكار، حيث تهدف من خلال هذه المبادرة إلى بناء مجتمعات عادلة تُستغلّ فيها الموارد بكفاءة وتُلبى الاحتياجات الأساسية لجميع الأفراد، بما يعزز تلازم التوازن بين التنمية الاقتصادية، التقدم الاجتماعي، والحفاظ على البيئة. وتسهم جائزة اقتصاد الرفاه في تمكين قادة المستقبل من اتخاذ إجراءات حاسمة نحو إحداث تغيير هادف، مؤكدةً على الدور المحوري الذي تؤديه الاستدامة في رسم ملامح المستقبل”.

ومن جانبها، قالت رئيسة قسم العمليات في شبكة المناخ الجامعية، مايا حداد: “تمثّل جائزة اقتصاد الرّفاه في الإمارات خطوة حيوية في تعزيز الترابط بين المؤسسات الأكاديمية والإشراف البيئي. وتُظهر الأبحاث المُقدمة في هذا الحدث تفاني الباحثين والمهنيين الشباب، وتجسد التزامهم ببناء مستقبل مستدام”.
ما الخطوات المقبلة؟ الاستفادة من الابتكار لتحقيق أثر مجدٍ
لن يقف الزخم عند هذا الحدّ. فخلال الأشهر المقبلة، ستعمل غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكلٍ وثيق مع الفرق الفائزة لإثراء أفكارها وتطبيقها في سياقات واقعية. وسنبقى ملتزمين بترجمة هذه المشاريع الرؤيوية إلى تغيير عملي، سواءً كان ذلك من خلال دعم المزيد من الأبحاث، أو التفاعل مع صانعي السياسات، أو إثارة النقاشات العامة. تابعونا لنستعرض رحلاتهم ونواصل بناء حركة من أجل اقتصاد رفاه متجذّر في العدالة والرعاية والقدرة الجماعية على الصمود.
