
في عالمٍ يتغيّر بسرعة تحت وطأة التغيّر المناخي وتداعياته القاسية، أصبحت موجات الحرّ الشديدة واقعًا مفروضاً يؤثر بشدّة على حياتنا اليومية، خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. لا يقتصر تأثير هذه الموجات على ارتفاع درجات الحرارة فحسب، بل يتجاوزه ليُشكّل تهديداً مباشراً على صحة الإنسان. |
في وقتٍ سجّل صيف 2024 كالأكثر سخونة في العالم منذ فترة ما قبل الصناعة، بحسب خدمة المناخ الأوروبية “كوبرنيكوس”، شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا موجات حرّ غير مسبوقة. فقد سُجلت درجات حرارة قياسية في دول مثل العراق، مصر، الكويت، فلسطين، لبنان، الأردن، والسعودية، كما تجاوزت الـ 50 درجة مئوية في الإمارات لتسجّل 51.6 درجة مئوية قبل نحو أسبوع، محطّمةً الرقم القياسي لشهر أيار/مايو منذ بدء تسجيل البيانات المناخية.
ولعلّ أبرز الأحداث المؤلمة كانت وفاة مئات الحجاج في السعودية خلال مناسك الحج في العام الماضي، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة إلى ما يفوق 51 درجة مئوية.
الأعراض الصحية الناجمة عن موجات الحرّ الشديدة
– الجفاف: يؤدي فقدان الجسم لكميات كبيرة من الماء إلى جفافٍ خطيرٍ يؤثّر على وظائفه الحيوية، ويسبب دواراً وصداعاً شديداً والإرهاق. وفي الحالات الأكثر خطورة، قد يؤدي الجفاف إلى نوباتٍ وانخفاض ضغط الدم.
– الإنهاك الحرّاري: تتضمّن أعراضه التعرّق المفرط، الضعف العام، الدوخة، الصداع، الغثيان، والقيء. إذا لم يتم معالجة الإنهاك الحرّاري بشكلٍ فوريّ، فقد يتطوّر إلى ضربة شمس.
– ضربة الشّمس: هي حالة طبّية طارئة، تحدث عندما ترتفع درجة حرارة الجسم لأكثر من 40 درجة مئوية. تشمل أعراضها الارتباك، تسارع نبض القلب، وفقدان الوعي.
– حروق الشّمس: من الممكن أن يتسبّب التعرّض المفرط لأشعة الشمس فوق البنفسجية في حروق مؤلمة، تظهر أعراضها على شكل احمرارٍ وتورّم، وقد تتطوّر إلى ظهور بثورٍ في الحالات الأكثر شدّة.
– مشاكل الجهاز التّنفسي: يمكن أن تؤدي الظّروف الحارة والرّطبة إلى تفاقم مشاكل التّنفس مثل الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن، ممّا يُسبّب صعوبة في التنفس مصحوبة بصفيرٍ في الصدر وسُعال.مشاكل القلب: تؤثّر الحرارة الزائدة على الأوعية الدموية، ممّا يزيد من مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، خاصّة لدى كبار السّن ومرضى القلب.
من الفئات الأكثر عرضة لخطر موجات الحرّ؟
– كبار السن والأطفال: الفئات العمرية الهشّة مثل الرضّع وكبار السنّ تعتبر الأكثر عرضةً للإجهاد الحرّاري. إنّ أجسامهم غير قادرة على التكيّف بسرعة مع ارتفاع درجات الحرارة، مما يزيد من خطر الجفاف، الذي قد يكون قاتلاً في بعض الحالات. في هذا السياق، ارتفعت الوفيات الناجمة عن موجات الحرّ بين كبار السن ممن تجاوزوا الـ 65 عامًا بنسبة 85% بين عامي 2000-2004 وعامي 2017-2021.
– النساء الحوامل: تتعرّض النساء الحوامل لمضاعفات خطيرة نتيجة الحرارة العالية مثل الولادة المُبكرة أو انخفاض وزن الجنين. كما أنّ الحرارة قد تؤدّي إلى تسريع المخاض أو ارتفاع ضغط الدم، ، وتزيد من احتمالية الإصابة بارتفاع ضغط الدّم وسكّري الحمل.
– العمال: العمال الذين يعملون تحت أشعة الشّمس المباشرة، مثل عمال البناء والزراعة، يواجهون خطراً متزايداً للإصابة بالإجهاد الحراري. يظهر التقرير الأخير لمنظمة العمل الدولية أنّ 70% من القوى العاملة حول العالم تواجه مخاطر متعلّقة بتغيّر المناخ، مما يؤدي إلى وفاة مئات الآلاف سنوياً.
أصبح ارتفاع درجات الحرارة تحدياً جسيماً يواجه البشرية، بما في ذلك دول منطقتنا، حيث يشكّل تهديداً مباشراً للصحة العامة يتطلّب استجابة عاجلة وشاملة. لذا، في ظلّ هذه الظروف، يُعتبر فهم كيفية حماية صحتك من موجات الحرّ أمراً بالغ الأهمية. لمزيد من الإرشادات، يمكنك الاطلاع على المقالة أدناه التي تتضمّن توصيات صحية لتنظيم حرارة الجسم وحفظ السلامة أثناء ارتفاع درجات الحرارة.
