اجتماع “نحو مستقبل عادل للطاقة” يطلق خارطة طريق إقليمية وميثاق “الملوِّث يدفع” للانتقال العادل للطاقة.
نحو مستقبل عادل للطاقة: اجتماع إقليمي بمشاركة المجتمعات المحلية وقادة إقليميين في دعوة موحّدة من أجل تحول عاجل وعادل وشامل نحو الطاقة المتجددة في جميع أنحاء المنطقة

عمّان، الأردن – 7 أكتوبر 2025: في خطوة بارزة نحو تحقيق العدالة المناخية وعدالة الطاقة، اجتمعت كلّ من منظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وشبكة العدالة في إدارة الموارد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمركز الإقليمي لعدالة الطاقة والمناخ التابع لمؤسسة فريدريش إيبرت، في لقاء رفيع المستوى في عمّان لوضع استراتيجيات جماعية تهدف إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري مع حماية المجتمعات والعمال والفئات المستضعفة. وقد أعلن الاجتماع، الذي جاء بعنوان “نحو مستقبل عادل للطاقة”، خريطة طريق إقليمية من أجل انتقال عادل للطاقة، وأطلق ميثاق الملوِّث يدفع، وهو جهد تعاوني يدعو أن تتحمل الجهات الملوِّثة مسؤوليتها عن الأضرار المناخية التي سببتها.

عُقد الاجتماع تحت رعاية معالي وزير الطاقة والثروة المعدنية في الأردن، الدكتور صالح الخرابشة، وجمع بين قادة مؤسسات المجتمعات المحلية، ونقابيين، وخبراء، وصنّاع القرار من مختلف أنحاء المنطقة، بهدف دفع أجندة إقليمية موحّدة تُنسّق بين الاستراتيجيات الوطنية، وتُرسّخ شراكات فاعلة، وتعزّز العمل الجماعي من أجل تسريع انتقالٍ عادلٍ وشاملٍ وخاضعٍ للمساءلة في قطاع الطاقة على امتداد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

في لحظة محورية تمرّ بها المنطقة وهي تقف عند مفترق طرق في مسار انتقال الطاقة، تُجسّد خريطة الطريق الإقليمية لشبكة العدالة في الموارد من أجل انتقال عادل ومنصف للطاقة، أول استراتيجية على مستوى المنطقة يتم تطويرها بشكل تشاركي من قبل مؤسسات المجتمع المحلي، والشبكات الإقليمية، وشركاء من مختلف أنحاء المنطقة، بما في ذلك غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومؤسسة فريدريش إيبرت.

يعتمد اقتصاد المنطقة بشكلٍ كبير على الوقود الأحفوري، إذ يأتي أكثر من 95% من استهلاك الطاقة من المصادر الهيدروكربونية. وفي عام 2023، شكّلت دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو 35% من إنتاج النفط العالمي و23% من إنتاج الغاز الطبيعي. وهذا يجعل انتقال المنطقة إلى الطاقة النظيفة أمرًا حاسمًا لتحقيق هدف الحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية.

لذلك، تحدّد خارطة الطريق مسارات سياسات واضحة لخطط العمل الوطنية والتعاون الإقليمي، وتدعو إلى مستقبل طاقوي عادل ومستدام. كما تؤكد على ضرورة الشفافية في التخطيط الحكومي، وتبنّي سياسات طاقة شاملة تراعي النوع الاجتماعي، وتنويع الاقتصاد بما يضمن عدم تهميش أي مجتمع أو عامل أو فئة ضعيفة.

هذا وقد أطلقت غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ميثاق الملوث يدفع، من أجل تعزيز العدالة المناخية وتأمين التمويل المناخي، والذي يطالب شركات الوقود الأحفوري الدولية، وخاصة منتجي النفط والغاز، بدفع تعويضات عن الأضرار التي تسببت بها انبعاثاتهم والتوقف عن أنشطتهم الملوِّثة. 

ومع اشتداد الظواهر المناخية المتطرفة وتزايد الخسائر التي تعاني منها المجتمعات، تواصل هذه الشركات تحقيق أرباح ضخمة بينما يتحمل الناس العبء الأكبر. ويدعو الميثاق الحكومات إلى فرض ضرائب وغرامات جديدة على شركات الوقود الأحفوري الدولية لتمويل انتقال عادل في مجال الطاقة، ودعم الحلول المناخية، ومساعدة المجتمعات على التكيّف مع الكوارث المناخية وإعادة البناء بعدها.

وفي كلمته اليوم، قال وزير الطاقة والثروة المعدنية في الأردن صالح الخرابشة:

“التحديات البيئية، مثل التغير المناخي، تستدعي تعاونًا دوليًا جادًا لمكافحة ظواهر الطقس المتطرف. ومن تأتي أهمية هذا اللقاء الإقليمي للخروج بمقترحات وتوصيات يمكنها المساهمة لتحديد أولوياتنا في الفترة القادمة.” وأشار الخرابشة إلى أن وزارة الطاقة والثروة المعدنية تعمل حالياً على تحديث استراتيجية قطاع الطاقة للفترة 2025–2035، بهدف زيادة نسبة مساهمة مشاريع الطاقة المتجددة، وتعزيز استقرار الشبكة الكهربائية في المملكة.

وفي تعليقها على الحدث، قالت المديرة التنفيذية لمنظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، غوى النكت:

“إن الانتقال العادل للطاقة لا يقتصر على استبدال النفط بالشمس والرياح، بل يتمحور حول إعادة تصوّر دور الطاقة في بناء مستقبل أكثر استدامة وعدلاً لمنطقتنا. في ظل الأزمات المناخية والاقتصادية، والحروب التي تزيد من هشاشة المجتمعات، نفتح نافذة أمل نحو انتقال عادل للطاقة، مسترشدين بخريطة طريق تضع الإنسان في قلب التغيير وتضمن توزيعاً منصفاً للمنافع.”

من جانبه، قال مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شبكة العدالة في إدارة الموارد، بيار سعادة: “تقدّم خارطة الطريق الإقليمية الجديدة رؤية لسياسات واضحة من أجل دفع انتقال عادل للطاقة يكون شاملاً وشفافاً ومنصفاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع تحديد أولويات العمل للحكومات لتنويع الاقتصادات وحماية المجتمعات.
ومن خلال هذا الجهد الجماعي، نُرسّخ دور مؤسسات المجتمع المحلي كشريك أساسي في صياغة السياسات الوطنية والإقليمية والعالمية من أجل مستقبل مستدام وقادر على الصمود.”

من جانب آخر، وفي معرض تأكيدها على المبدأ الجوهري للانتقال العادل، قالت مديرة المركز الإقليمي لعدالة الطاقة والمناخ التابع لمؤسسة فريدريش إيبرت، استرد بِكر: “إن مبدأ الانتقال العادل القائم على فكرة ‘عدم ترك أحد خلف الركب’ في التحول نحو اقتصاد مستدام وخالٍ من الكربون، يشكّل جوهر مهمتنا في تعزيز العدالة الاجتماعية والتضامن على الصعيد العالمي. ومن الضروري أن تُبنى هذه الاستراتيجيات على الواقع المحلي، بما يضمن معالجتها للتحديات الوطنية الخاصة، وتوجيه عملية الانتقال لتحقيق فوائد منصفة وإحداث تحول اجتماعي وبيئي شامل بحق.”

ويُشكّل إطلاق خريطة الطريق الإقليمية من أجل انتقال عادل للطاقة وميثاق “الملوِّث يدفع” محطةً مفصلية في رسم مستقبل الطاقة في المنطقة، إذ يجمع بين مواجهة أزمة المناخ وتعزيز العدالة الاجتماعية والاقتصادية. فالانتقال العادل المرتكز على المجتمعات قادر على فتح آفاق واسعة لتحويل الاقتصادات، وخلق ملايين فرص العمل اللائقة، وتوسيع الوصول إلى طاقة ميسورة التكلفة للجميع.

Polluters Pay Pact