بقلم جينيفر مورغن وأنابيلا روزنبرغ

يمكنك قراءة هذه الرسالة باللغة:

 الملايوية 

الإسبانية

الفرنسية

البرتغالية

الإنجليزية

أصدقائي الأعزاء،

وحدها الخيارات هي التي تحدد تداعيات جائحة الكورونا، والخيارات هذه قائمة على قيم التعاطف والتضامن والشجاعة، أي ليست قائمة على قيمة واحدة فقط. لطالما كانت هذه القيم محفورة فينا، فلنعتمد عليها الآن.

إن النضال من أجل احتواء الفيروس هو أولى أولوياتنا كأشخاص أولا وكمنظمة ثانيًا.  اذ القرارات المصيرية لا يتخذها الأطباء والطبيبات والممرضين/ات فحسب، بل يتخذها كل واحد منا وخاصة إذا طبقنا قواعد التباعد الاجتماعي. فلنأخذ الخيارات الصحيحة معاً.

غرينبيس هي بمثابة العائلة، وكفرد من هذه العائلة، نواجه جميعاً تحديات فيروس الكورونا. تعيش كلتانا في بلدان احتضنتها ورحبت بها، من ألمانيا وفرنسا إلى الولايات المتحدة والأرجنتين. إن قلقنا على والدينا وإخواننا وأخواتنا وأقاربنا يتزايد بسبب عامل المسافة والأنظمة الصحية التي قد تكون غير قادرة على مساعدتهم. ومن الصعب أن نجد توازناً في خضم هذا الاضطراب العاطفي ولكننا نحاول كالجميع أن نجد طرقاً للتواصل. لقد اكتشفنا أنه في هذه الأزمة ان غرف المعيشة الخاصة بنا تحولت الى أماكن للرقص مع أطفالنا وشركائنا، حيث نستمتع بالأغاني القديمة والمفضلة لدينا! نأمل أن تتمكنوا من العثور على توازنكم وطرق تواصلكم، ومنافذ للراحة والطمأنينة.

علينا جميعاً أن نأخذ الوقت اللازم وأن نضع عائلاتنا ومجتمعاتنا في الصدارة وأن نرعى أطفالنا ومرضانا وأنفسنا أيضاً.

ونشهد اليوم أيضاً العديد من أعمال الشجاعة والتعاطف والتضامن  الملهمة، والتي أثبتت أن عزيمة الناس لا تُقهر. يمكننا أن نرى في كل مكان رغبة جامحة للبقاء على قيد الحياة وحتى الرغبة بالازدهار. فلنواصل أعمال التعاون هذه ولنغتنى بالحس الإنساني الذي تجلى بوضوح في وجه المصاعب.

دعونا نتأكد من أن القصص التي نرويها هي عن التعاطف وخصوصاً مع الأشخاص الأكثر ضعفاً، والقصص التي تدور حول التكاتف وتفادي الخوف وإلقاء اللوم على الآخر. 

وعندما تكون القيادة مرفقة بحس التعاطف، علينا أن نكون يقظين. 

ففي الأزمات، كما نعلم، يصبح المستحيل ممكناً، الى السيء أو الأحسن. 

ندرك جميعًا أن عند معالجة أزمة الصحة العامة والصدمات الاقتصادية المرتبطة بها، نكون بذلك قد اختارنا تأثير ذلك على حالة الطوارئ المناخية المزمنة.

يجدر بنا أن نمنع الاستثمارات في الصناعات التي نعرف مسبقاً بأنها مضرة للبيئة والصحة العامة. ومع اقتراب الوصول إلى نقطة التحول في التغير المناخي المرتقبة في العام ٢٠٣٠، يجب أن توضع تلك الاستثمارات في مشاريع الصحة والبيئة العامة. ويجب أن تدعم الأموال العامة بمعدلاتها الضخمة  و”التي لم تكن متوفرة من قبل” الانتقال العادل إلى مستقبل أفضل، حيث يتعايش الناس والكوكب بوئام وتُسنح لهم الفرصة بالازدهار وعلينا أيضاً مساءلة القادة ومحاسبتهم. 

وعلينا أن نكون يقظين أيضاً من محاولات استغلال العمال المعرضين إلى أساليب الاستغلال العديدة كإعطائهم أجور ضئيلة أو تعريضهم إلى مواد سامة بشكل يومي، فهي وسيلة لتشتيت أذهاننا عن هذه القضية وتضللنا للحصول على الدعم العام. ومن الواضح أن عقيدة الصدمة تظهر الآن بشكل جلي في العالم، إذ يتم ضخ تريليونات الدولارات وعملات اليورو والين في الاقتصاد كمحاولة لإسعافه من تأثير الفيروس كما يتم فرض قوانين دون استشارات وموافقة جميع الأطراف.  

علينا أن ندعم الاستثمار في المستقبل بدلاً من العودة إلى الماضي لشرح مأزقنا الحالي، علينا أن نتطلع إلى المستقبل لمعرفة ما يتوجب علينا القيام به. علينا أن نتطلع إلى مستقبل منفتح، تسود فيه أجواء التعاون والعدل والسلم والتناغم مع الطبيعة و أن يكون التحرك للمصلحة العامة دافعاً قوياً له. 

إن هذا الفيروس لاجنسية له و لا جدول أعمال ولا انتماء سياسي، ينتشر في كل مكان. الشيء الوحيد الذي يمكن أن يردعه هو تكاتفنا  كمجتمع واحد وتعاوننا معاً. 

هذا الوقت هو ليس وقت إلقاء اللوم أو تشجيع الانقسام اذ هناك الكثير من القوى في العالم التي تقوم بالتحريض سعياً للقوة والربح. علينا أن نكون القدوة، وأن ننشر قيمنا ونشارك منصتنا ومعرفتنا للآخرين، وخاصة للأكثر ضعفاً في مجتمعنا. قد يعني ذلك تشكيل تحالفات خارجة عن المألوف، في هذه الأوقات غير المسبوقة، أو القيام بأمور لا تناسبنا، تكون بعيدة عن ما اعتدنا القيام به.

نحن نرغب، بل نحتاج و نستحق من هذا الفصل الجديد لقصة كوكبنا أن نتعلم الدرس بطريقة أسرع وأن نعالج الأسباب الجذرية بشكل كامل وأن نعمل على تأسيس قيادة سياسية حقيقية.

عندما ننتهي من هذا الوباء، سيتم تحديد طابعنا الجماعي وامكانياتنا المستقبلية من خلال الخيارات التي اتخذناها لحماية الأكثر ضعفاً وليس في حماية الصناعات. سيتم تعزيزها من خلال الدروس التي نتعلمها.

 كل واحد منا يحمل معه  قطعة من النسخة المحسنة للعالم، وهو العالم الذي نحتاجه ويسود فيه روح التعاون والرأفة، بما أنهما مفتاحين لمستقبل أكثر أمناً عن سابقه.

مستقبلنا يُكتب اليوم، فلنكتب صفحاته بشغف وبكل ذرة إنسانية فينا. 

جينيفر وآنا. 

جنيفر مورغان هي المديرة التنفيذية في منظمة غرينبيس الدولية وأنابيلا روزمبرغ مسؤولة البرامج فيها.