
ماذا يحدث عندما تجتمع مجموعة من العقول الشابة المتحمّسة، التي تحرّكها رؤية مشترك لعالم أكثر عدالة؟ يجدون الأفكار، يتحدّون الوضع الراهن، ويخلقون التّغيير! |
على مدار ثلاثة أيام، من 21 إلى 23 شباط/ فبراير، حوّل مخيم الشباب للعمل المناخي في تونس الحماس إلى قدرة على التأثير، حيث زوّد المشاركات والمشاركين بالمعرفة والمهارات والثّقة، التي تمكّنهم من توثيق تأثيرات التغيّر المناخي على مجتمعاتهم وسردها بطريقة مؤثّرة وفعّالة من أجل إحداث فارق.
تعاونت غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع منظمة “نحن نَقود” (We Lead) لجمع 15 شاباً وشابة في هذا المخيّم التدريبي، تترواح أعمارهم بين 18 و30 عاماً، وقد كان بينهم ناشطين وناشطات متمرسّين، بالإضافة إلى آخرين من مبتدئين. العديد من المشاركين تأثّروا بحرائق الغابات وبالجفاف، فحضروا إلى المخيّم بهدف تعلّم كيفيّة دمج قصص نضال المجتمعات المحليّة المتأثّرة بالتغيّر المناخي بالحملات الدولية المُطالِبة بالعدالة المناخية، كما تهدف حملة “الملوّث يدفع“، بالإضافة إلى التدرّب على استخدام أدوات مناصَرة مختلفة تماماً مثل منصة “صوت” للحملات الرقمية.
في تعليقٍ لها عن نشاط المخيّم، قالت مسؤولة الحملات والمشارِكة المجتمعية في غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سارة بن عبدالله: “إن هذا التدريب كان ضرورياً، فمن الملحّ العمل على نشر الوعي حول العدالة المناخية في منطقتنا، خاصة في أوساط الفئات المتضرّرة من التغيّرات المناخية، لأنهم هم القادرون حقاّ على صنع التّغيير، وإنجاح الحركة المناخية يعتمد عليهم. نجح المخيّم في نشر الوعي، وتزويد المشاركين بالمعرفة الأساسية حول الموضوع، وتمّ إنتاج مقاطع فيديو مُلهمة لنقل أصواتهم إلى فضاءٍ أوسع”.
لم يكن هذا المخيّم مجرّد تجربة تعليمية بل كان تجربة قياديّة. اشتمل على معلومات نظريّة متخصّصة عن تغيّر المناخ والعدالة المناخية، وتخلّله جلسات تطبيقية حول كتابة النصوص، توصيل الرسائل، وإنتاج الفيديو، كما شهد مناقشات عميقة في مسألة تقديم قضية العدالة المناخية عبر إنتاج محتوى مرئي مؤثّر. بدأ اللقاء بمقدمة عن أساسيات التغيّر المناخي، فاستكشف المشاركون أسبابه وتأثيراته والتحدّيات العالمية المرتبطة به. بعد ذلك، تركّزالنقاش في الحالة التونسيّة، وتداول المجتمِعون قضايا ذات صلة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، ندرة المياه، وظواهر الطقس المتطرّف. وفي وقتٍ لاحق، قادت بن عبدالله جلسة خًصّصت للنقاش في رؤية وأهداف “الملوِّث يدفع”، وقام المشاركون بتحليل أمثلة حقيقية لمجتمعات تكافح من أجل العدالة المناخية، كما ناقشوا سُبل مساءلة الشركات الكبرى الملوّثة.
وفي هذا الإطار، قالت الباحثة في العلوم البيئية والمشاركة في المخيّم، فدوى سلولي: “شاهدنا في السنوات الأخيرة آثار التغيّرات المناخية في مختلف أنحاء العالم، وتعدّ تونس أكثر دول البحر الأبيض المتوسّط المتضرّرة بفعل أزمة المناخ. عندما كنت صغيرة، كان الثلج يتساقط مرّتين في الشتاء، والآن بالكاد تغطي الثلوج سنتيمترات قليلة من الأرض. تسبّبت قلّة الأمطار في جفاف السدود، في حين يوجّج ارتفاع درجات الحرارة إلى مستوى غير مسبوق المزيد من ظواهر الطقس المتطرّف. وبالتالي، أصبحت الأرض والغطاء النباتي والأشجار أكثر قابلة للاشتعال بسبب موجات الجفاف الطويلة، ليفقد الناس في تونس إنتاجهم الزراعي وأرزاقهم”.
هكذا، اختتم اليوم الأول بجلسة خُصّصت للبحث في تأثيرات التغيّر المناخي غير المتكافئة على الدول المتضرّرة، وبالأخص دول منطقتنا، فشارك ناشطون محلّيون تجاربهم، مما أبرز الحاجة إلى اتّخاذ إجراءات بيئية شاملة وعادلة.
في اليوم التالي، نشط المشاركون بتوليد الأفكار في مسألة تحدّيات المناخ المحلّية وحلولها المحتملة، من خلال ورشة عمل تعاونية، ركّزوا خلالها على إنشاء محتواهم الخاصّ في موضوع المناخ وتغيّراته. واختتمت أعمال هذا اليوم بجلسة مخصّصة لكتابة السيناريو، حيث صاغ المشاركون رسائل مؤثرة، مستخدمين تقنيات السّرد القصصي. أما في اليوم الأخير، عرض المشاركون أفكارهم، ثم تلقوا تدريباً عملياً على تقنيات اجراء المقابلات وإنتاج مقاطع الفيديو المناسبة لمنصّات مواقع التواصل الاجتماعي. خلال جلسة التّسجيل، طبّق المشاركون مهاراتهم في تسجيل مقابلات بجودة عالية والتقاط مشاهد مؤثرة. وفي النهاية، عقِدت جلسة استماع جماعية، حيث تمّت مراجعة الأعمال وتبادل الآراء والتخطيط لخطوات نشر المحتوى.
في المحصلة، كان الحماس سيّد الموقف. لم يكن المشاركون مجرّد مستمعين للمعلومات، بل أظهروا استعدادهم لرفع أصواتهم والمطالبة بمحاسبة الملوّثين. وتقول الناشطة في المجتمع المدني والمشاركة في المخيّم، خلود بلحي: تستهلك الدول الكبرى الوقود الأحفوري، وهو المساهم الأكبر في أزمة المناخ، فتدفع دول منطقتنا، الأقل مسؤولية عن الانبعاثات الناتجة عن حرق هذا الوقود، الثمن الأكبر لهذه الأزمة. يجب تحقيق العدالة المناخية، وأن تتحمّل الدول الكبرى المتسببّة بأزمة المناخ تكاليف الأضرار المناخية”.
قد يكون المخيّم انتهى، لكننا مستمرون بالنّضال من أجل مستقبل أكثر استدامة.

نقاش
تمنيت الحضور و المساهمة كخبير اشتغلت ١٣ سنة مع قرينبيس. شكرا لكم على تنفيذ انشطة ت ع ية و تكويني بتونس.