عانى العالم خلال هذا العام من صعوبات عدّة، إن على صعيد الصّحة، أو الإقتصاد أو البيئة. وواجهنا الكثير من التحديات إثر بدء جائحة الكورونا. واليوم، ومع اقتراب عام كامل على تعايش العالم مع هذه الأزمة، يبدو أوضح من أي وقت مضى أن مصائرنا ومصير الكوكب أصبحت مرتبطة ببعضها البعض، وأننا اليوم لدينا فرصة مصيرية لنسير نحو مستقبل أفضل لنا جميعًا، البشريّة وجميع الكائنات الحيّة على الكوكب. فما المطلوب تحقيقه؟ 

الوضع مصيري، والتّغيير واجب أكثر من أي وقتٍ مضى

   يظهر الوباء الذّي نواجهه اليوم مدى هشاشة النظم الاقتصادية والصّحية التقليديّة التي نعتمد عليها، إذ واجهت دول عدّة إخفاقات جسيمة وظهرت فجوات تبيّن كم أنها عميقة. أنظمتنا الاقتصادية، وخصوصًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا غير مصممة للاستجابة لحالات الطوارئ، وقد أظهرت هذه التجربة أن التفاوت في المستويات الاجتماعية والاقتصادية تفاقم في الفترة الماضية، واضعا بذلك أولئك الأقّل قدرة على التأقلم في الصف الأول  بمواجهة الخطر. 

   أصبح واضحًا أنّ النّظم التقليدية خذلتنا جميعًا، وأن الوقت قد حان لوضع أسس وقواعد جديدة نبني عليها مستقبلًا مغايراً تماما لما قد مضى من تجارب فاشلة. لن يكون هذا سوى مؤشّراً للمزيد من الانهيار والمعاناة في حال استمّر الوضع على ما هو عليه. والعديد من الأمثلة تؤكّد لنا هذا الواقع، إذ وجد بعض النّاس أنفسهم أمام خيار مواجهة فيروس قاتل أو إطعام أطفالهم، أمّا البعض الآخر فلم يتمتّعوا برفاهية البقاء في منزلهم وحتّى شراء حاجاتهم الأساسية. في نظام مبني على وضع الأولوية للمدى القصير والاستراتيجيات غير المستدامة، لن يتمكّن إلّا الأثرياء ومن لديهم القوة بأن يعيشوا حياةً كريمة. كيف سنضمن إستدامة الكوكب للأجيال القادمة، إذا كانت الخطط الحالية لا تأخذ مستقبلهم بعين الإعتبار؟

  في البداية قد يكون التّغيير صعب، سواء أكان على الصّعيد الفردي أو المجتمعي أو الاقتصادي أو البيئي أو السّياسي! نحن أمام مشوار طويل يحتاج جهود الشباب وجهود كل فرد منّا يتحلّى بالوعي والأمل. قد نفكّر أحيانًا، وخصوصًا في منطقتنا، أنّ التّغيير مستبعد ومستحيل. ما هذا إلّا نتيجة عدم اختبارنا لما هو أفضل. نعم، لا يمكن أن يتغيّر شيء إلّا إذا بدأنا من أدني المستويات، ربّما على صعيد التّضامن أوّلًا كمثال لكن التغيير ممكن. نحن نعاني مشاكل كثيرة لكن كورونا أظهرت لنا ارتباط كل أنظمتنا ببعضها البعض. فلا يمكن تحسين الوضع الاقتصادي من دون تحسين النّظام البيئي. ولا يمكن إسراء المساواة من دون نظام اقتصادي عادل. ولا يمكن للنظم السياسية إلّا أن تضع الإنسان والبيئة أوّلًا لأنّها، وكما  أثبتت التّجربة، ستنهار تلقائيًا!

إلى ماذا نطمح؟

    نطمح إلى مستقبل أفضل بكل بساطة، مستقبل أكثر عدلًا وأكثر خضرةً في منطقتنا وفي كل العالم! قد تقولون أنّ هذا صعب. لكن من إيجابيات جائحة الكورونا الصعبة أنّها أظهرت أنّ الإنسانية ما زالت موجودة وأنّنا مستعدّون لمساعدة بعضنا البعض بشكل لم نشهده قبلًا في التاريخ المعاصر. فكل فئات المجتمع تعمل سوّيًا للحرص على الخروج من هذه الأزمة سالمين.غريزة البقاء والنّجاة موجودة بفطرتنا البشرية، أمّا اجتماعيًا فقد اكتسبنا قدرة التّعاطف مع الآخرين بحيث نعلم أنّنا كلّنا متساوون ونستحق الكرامة. هذا التّضامن ضروري في المرحلة القادمة لأنّنا سنكون كلنا في مواجهة النّظم القديمة. سنستمّد الشّجاعة من بعضنا البعض!

نحن نطمح لنظمٍ عادلة، حيث تسود الكرامة، السلامة، الاستدامة وحماية المستضعفين بطريقة تزدهر فيها المجتمعات جميعًا. حيث يتّم منح الجميع، بغضّ النّظر عن انتماءاتهم، الاحترام والحقوق على قدم المساواة. نحتاج في دولنا إلى تأمين حق النّاس في الغذاء، والرّعاية الصّحية، والتّعليم، وكل متطلبات العيش الكريم. والأهمّ من ذلك أننا نريد ربط البيئة بالاقتصاد بطريقة نجعلهما يتكاملان بانسجام، بحيث تتوفّر وظائف في القطاعات الإنتاجية الخضراء ونحتضن ثقافة مستدامة تحترم الأرض. لا يمكن أن ننسى أن أحد مسببات جائحة فيروسية مثل الكورونا الممارسات البيئية والاقتصادية غير المسؤولة! 

إن العنصر الأساسي في هذا التّغيير هو الشّباب واندفاعهم وحبّهم لهذه الحياة، بحيث سيبقون دائمًا أملنا الأول والأخير.

  يجب أن يكون لدينا أمل وإيمان بإمكانية الوصول إلى عالم أفضل، حتّى في أحلك اللّحظات. والإيمان يعني المثابرة رغم كل الصعاب، حتى عندما لا نرى نتيجة فورية. التغيير هو حبل النّجاة، فهل أنتم مستّعدون للعمل على فرصة ثانية نبنيها معاً؟ شاركنا ما هو التغيير الذي تريد ان تراه في مجتمعك أو محيطك؟

إنضم إلى الحراك!

من أفراد مهتمين بحماية كوكبنا وتحقيق السلام العالمي والوصول الى التغيير الإيجابي من خلال التحرك الفعلي! معاً لن يستطيع احد ايقافنا. غرينبيس هي منظمة مستقلة تعمل على إحداث التغيير في السلوك والتصرفات، بهدف حماية البيئة والترويج للسلام العالمي.

انضم إلينا