ما زال الأرز اللّبناني يقف بكل شموخه وعظمته يستطيع من اختبار شعور الوجود في حضرته أن يخبرك أنّ الوقوف تحت شجرة من الأرز يماثل احتضان كيانٍ حكيمٍ وراعٍ. بعد أن كانت غابات الأرز مورقة ممتدة على سلاسل الجبال إلى أبعد ما تراه العين، أصبحت اليوم تعيش في بقعٍ معزولة في أقلّ من عشرين موقعًا في هذا البلد الصّغير.

  أطلقت غرينبيس الشّرق الأوسط وشمال إفريقيا فيلمًا وثائقيًا قصيرًا يوثّق آثار تغيّر المناخ العالمي على غابات الأرز اللّبناني، أو ما تبقّى منها بعد سنوات من الإستغلال المفرط. تمّ تدمير هذه الغابات منذ بداية التّاريخ المسجّل، كما أنّه تمّ الإعتراف بها كمحميّاتٍ حتّى في العصور القديمة. أمّا اليوم، وبسبب عوامل عدّة، زاد تغيّر المناخ من حدّتها، فيواجه الأرز تهديدات تتفاقم خطورتها على استمراريته الطويلة الأمد.

 الأرز اللبناني الذي يتمركز بفخر في وسط علم البلاد هو رمز للوحدة يمثّل كل ما هو جميل وكامل في لبنان. نأمل دائماً كلبنانيّين أن يبقى هذا الرّمز نقطة إلتقاء وتوافق تتجاوز الخلافات السّياسية.

تواجه غابات الأرز اللبنانية اليوم، مثل غابات حوض الأمازون وأوروبا وأميركا الشّمالية، مدًا متسارعًا من التّهديدات الواضحة والضغوطات الهائلة. من لبنان، نضيف صوتنا إلى جميع الآخرين الدّاعين إلى العمل لمنح غاباتنا وغابات العالم  فرصة  للمواجهة والبقاء على قيد الحياة أمام تغيّر المناخ العالمي والإضطراب الذي يلحق بالنظم البيئية المحلية.

 نحن نأمل أن نستطيع من خلال هذا الفيلم الذي نحاول التواصل فيه مع العالم من لبنان، أن ندعم كل أولئك الذين يتجاوزون الخلافات ويعملون سويًّا لتنفيذ حلول مستدامة لحالة الطوارئ المناخية المشتركة.