كل شهر نطلب من متابعينا في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن يخبرونا كيف يلتمسون آثار تغيّر المناخ. بطبيعة الحال، لا يمكن أن تُعزى كل هذه الأمثلة إلى تغيّر المناخ وحده، لكن التصوّرات والتجارب والوقائع المختلفة للناس في منطقتنا تساعدنا على اكتساب معرفة عامة لكل الأنماط المتعدّدة والمتشابهة التي يرون من خلالها تغيّر المناخ، والتي تؤثّر على حياتهم ومحيطهم.

نخطّط لنشر هذه المدوّنة شهرياً – إذا كنت ترغب في مشاركة تجربتك الخاصة، أخبرنا هنا.

العام الماضي كان أسوأ عام جفاف شهدته المملكة المغربية منذ عقود، في ظل ارتفاع درجات الحرارة التي سجّلت مستوى قياسي، تجاوز في شباط/آذار الماضي 41 درجة مئوية في عدد من أقاليم المملكة. والحال أن توالي سنوات الجفاف في المغرب أثّر على الموارد المائية، ويبدو أن ذلك انعكس على الأنهار وتسبّب في نضوب عددٍ كبيرٍ منها، كما تفيد شهادات مغربيّين كثر تحدّثوا إلينا عن الجفاف الذي أصاب مختلف الأحواض المائية في المملكة.

يقول هشام فلالي زهري في شهادته لغرينبيس: “أعيش بين مدينتَي كلميمة وتنجداد جنوب شرق المغرب، التابعتين لإقليم الرشيديّة. ما يلفت الانتباه كثيراً في مدينة تنجداد، هو موت العديد من أشجار النّخيل في واحاتها الجميلة، إذ باتت مداخل المدينة تستقبل زائريها بأشجارٍ متهدّلة وذابلة تضفي إحساساً بالأسى”. 

يتحدّث هشام عن وادي غريس الشهير في كلميمة، حيث “كان يبلغ ارتفاع النهر نحو 10 أمتار. لكن بعد موجات الجفاف المتعاقبة، انخفض منسوب المياه في النهر لدرجة أننا لم نعد نرى إلا القليل من المياه المتبقّية فيه بسبب قلّة هطول المتساقطات. نحن في الأساس لا نرى الأمطار إلا نادراً. وهنا، لا بد من الإشارة إلى مخاطر الاستثمارات الكبيرة التي تهدّد الفرشة المائية (يُقصد بها مخزون المياه الجوفية)، التي تعد جيّدة نسبياً في كلميمة بالمقارنة مع مدينة تنجداد”.

المخاوف نفسها تبدو واضحة في شهادة مصطفى ادبيلج الذي يسكن في مدينة مراكش. ويقول: “جفّت الأنهار من حولنا، فنهر أمّ الربيع (ينبع من سلسلة جبال الأطلس المتوسط ويتّجه غرباً ليصب في المحيط الأطلسي)، الذي اعتدنا أن يكون ممتلئاً وصافياً، تتجلّى فيه اليوم آثار سنوات الجفاف القاسية. فالسدّ الذي شُيّد على النهر، يعدّ ثاني أكبر سدّ في المملكة من حيث السّعة، لكن الحجم الفعلي للمياه المخزّنة فيه انخفضت كثيراً في الآونة الأخيرة وباتت لا تتجاوز خمسة بالمئة من سعته”.

وفي الإطار عينه، يتحدّث ادبيلج عن “انخفاض منسوب الأنهار الأخرى أو الوديان كما نحب أن نسمّيها في المغرب”، مضيفاً: “أعتقد أن الجميع سمع عن جفاف مياه نهر ملوية شمال شرق البلاد (أحد أكبر أنهار المغرب) إلى حدّ أنه بات عاجزاً عن بلوغ مصبّه في البحر الأبيض المتوسط في السنوات الأخيرة. حتى المساحات التي عهدناها خضراء أواخر فصل الشتاء وفي أول الرّبيع، أصبحت بنّية اللون، تماثلُ لون جفاف الأرض والتربة التي لم تعد تغيّر رداءها. الشمس أصبحت رفيقة دربنا في كل الفصول. نحن اليوم نفتقد بشدّة زخات المطر وصوت الرعد وتساقط الثلوج في أعالي الجبال”.

نهر ملوية عاجز عن بلوغ مصبّه في المتوسّط بسبب الجفاف

الصورة القاتمة لتداعيات الإجهاد المائي على السكان في البلاد يمكن التماسها في شهادة سعيد لفقيري، الذي يسكن في بلدة أوطاط الحاج، في إقليم بولمان المغربي. 

يقول الفقيري: “قد تعتقد أن المنطقة تنتج قوت أهلها وأنّهم ينعمون بالاكتفاء المنشود. وقد تخال أن المنطقة مستقرّة وأن أهلها مكتفين من ناحية الموارد المائية والغذائية بسبب وجود نهر وادي ملوية، الذي ينبع من سلسلة جبال الأطلس المتوسط ويعدّ أحد أكبر خزانات مياه الثلوج والأمطار في البلاد. لكن الواقع عكس ذلك تماماً. ثمة العديد من الآبار التي تنضب في مختلف المناطق (…). بالعودة للماضي القريب، كان عمق الآبار في بلدتنا لا يتجاوز 30 متراً لكي نتمكن من الوصول للمياه الجوفية العذبة، في حين أن العمق الحالي للآبار يقارب مئتي متر في مناطق عديدة. لقد تراجع مخزون المياه الجوفية إلى مستويات غير مسبوقة، وهذا الأمر يهدّد أهلنا وأبناءنا بالعطش”.

هل واجهت آثار تغيّر المناخ؟

لأن التغير المناخي يعدّ من أخطر التهديدات التي تواجه الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكجزء من مشروعنا التوعوي لمواجهة آثاره والتكيّف معها، نريد أن نسمع منك، ومن المواطنين في جميع أنحاء المنطقة الذين يشهدون على التغيرات من حولهم، تلك التي تسبَّبَ بها الاحترار العالمي.

انضم إلينا