بينما نتطلّع إلى المستقبل، نجد شباب اليوم يقفون على مشارف تولِّي أدوار حيويّة كآباء وقادة ومبتكرين.
لقد واجهت الأجيال السابقة صعوبة في تحقيق تنمية مستدامة شاملة، إذ أعطت الأولويّة للنمو والجشع والنزعة الاستخراجيّة، تاركةً خلفها الإنسان والكوكب. ومع ذلك، نجد شباب اليوم في مقدّمة الصفوف، يعملون دون كللٍ أو مللٍ لتعزيز العدالة المناخية والاجتماعية في مختلف المجالات.
في عالمٍ تسيطر عليه المخاطر المُرعبة للتغيّر المناخي والأزمات المتفاقمة، تتجلّى حقيقة واحدة بوضوح: “مستقبل العالم هو ملك لشباب العالم”، كما قال النقابي الرائد “توم مان”. إنَّ مصير كوكبنا في أيدي جيلٍ يتحمّل وطأة عواقب أزمة المناخ، من الآثار الصحيّة إلى البحث عن فرص العمل، وصولاً إلى مواجهة ندرة الموارد والنزاعات الناجمة عن التغيّرات المناخيّة.
في السنوات الأخيرة، قادت الحركة الشبابية العالمية من أجل المناخ جهوداً حثيثة لمواجهة التغيّر المناخي، مما دفع قادة العالم نحو اتخاذ إجراءات أكثر طموحاً. وقد لعبت شخصيات ناشطة مثل “غريتا ثونبرغ” و”فانيسا ناكاتي” وشخصيات أخرى دوراً حاسماً في الضغط على صنّاع القرار لتعزيز التزاماتهم المناخية. وقد نجح الشباب في تأمين مقعدٍ حيوي على طاولة النقاشات، وأسهموا في إعادة تشكيل المشاركة المدنية والسياسات وأسُس أنظمتنا السياسية نحو اتجاه أكثر تقدماً.
لا شكّ أنّ تحقيق العدالة المناخية يتطلّب نقلةً نوعيةً تُمكّن الشباب من لعبِ دورٍ محوري في تشكيل مستقبل مناخنا. في منظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ندرك تماماً الدور الحيوي الذي يُؤدّيه الشباب، خاصّةً في منطقةٍ يتجاوز نصف سكانها الثلاثين عاماً. بالتالي، يتجلّى التزامنا بتمكين الشباب بوضوحٍ من خلال مبادراتٍ أطلقناها، مثل مخيّم العدالة المناخية في تونس ولبنان، حيثُ جمع على مدى عامين متتاليين أكثر من 500 شابٍ من صُنّاع التغييرِ من الجنوب العالمي. لقد سعى هذا التجمّع إلى تجاوزِ الفجوات في الموارد التي تُعيق المناصرةَ الفعّالة، وبناء مجتمعٍ متماسكٍ ومتّحدٍ يسعى نحو التغييرِ المنهجي… إذاً، من خلال تمكين الشباب، يمكننا أنْ نبني مستقبلاً أكثرَ إشراقاً وعدلاً لكوكبِنا.
لقد شكّل مؤتمرا الأطراف السابع والعشرون والثامن والعشرون (COP27 وCOP28)، اللذين انعقدا مؤخراً في مصر ودبي، نقطة تحوّل محورية في إشراك الشباب الأكثر تأثراً بتغيّر المناخ في عمليات اتخاذ القرار. وقد مثّلت وفود الشباب في المؤتمرين من العراق والمغرب وتونس والأردن ولبنان والفلبين وكينيا بعضاً من أكثر المجتمعات تأثراً، ولعبت دوراً حيوياً في تعزيز نقاشات العدالة المناخية. لذلك، تلتزم منظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتعزيز أصوات الشباب، وضمان إيصال معاناتهم ووجهات نظرهم على الصعيد العالمي.
نحن مستمرون في توفير منصّة لأصوات الجنوب العالمي لسرد قصصهم من خلال عدسة العدالة. إذ تُعد المشاركة الفعّالة للشباب ضروريةً لحماية كوكبنا وتأسيس مستقبلٍ مستدامٍ للجميع.
رسالةٌ من القلب إلى شبابنا، قادة الغد:
إنّ الحياة مليئة بالتحديات والتحوّلات. احتضنوا كل تجربة، فكل تحدٍّ يحمل في طياته دروساً ثمينةً تعزّز من صمودكم. كونوا على استعدادٍ دائمٍ للنهوض بعد كلّ سقطة، ولا تتخلوا أبداً عن طموحاتكم. فالعقبات ليست سوى دروسٍ خفيّة، وفرص لإعادة تشكيل ذواتكم لتصبحوا الشخص الذي قُدّر لكم أن تكونوا عليه.
تذكروا أنّ لكل فردٍ منّا هدفاً فريداً؛ خصصوا الوقت الكافي لاكتشاف هدفكم الخاص. استكشفوا شغفكم واهتماماتكم، وتأملوا في اللحظات التي كنتم فيها في قمّة تفاعلكم. اجمعوا بين هذه الاهتمامات ومواهبكم، وفكروا في كيفية استخدامها لخدمة احتياجات العالم. اكتشفوا ما تحبّون، استثمروا في قوتكم، وواجهوا التحديات العالمية. هذا التناغم سيقودكم إلى التميّز الشخصي والمهني، ويمنحكم القدرة على إحداث تغييرٍ حقيقي وترك أثرٍ مؤثّرٍ في العالم.
في يوم الشباب الدولي اليوم، وبينما نحتفي بروح الابتكار والعزيمة التي تميّز شبابنا، نتذكر دورهم المحوريّ في بناء مستقبل مستدام. إنّ مرونتهم وإبداعهم يُحدثان ثورة حقيقية في مواجهة تغيّر المناخ، مؤكدين أن رؤى الشباب الجريئة وأفعالهم اليوم هي الأساس لبناء غدٍ مشرق.
نقف اليوم وكل يوم، جنباً إلى جنب مع الشباب، وهم يُمهّدون الطريق نحو عالمٍ أكثر إشراقاً وازدهاراً.
تعال معنا في رحلة متواضعة هدفها ابحارك في عالم ساحر يستحق التقدير، إلى عالم الطبيعة الأم، إلى الأرض التي نعتمد عليها كل يوم في حياتنا، من الهواء الذي نتنفسه إلى المياه التي نشربها. هذه الأرض، هي موطننا ومنزلنا ومورد رزقنا، هذه الأرض لنا ولأولادنا وأحفادنا.
انضم إلينا