المديرة التنفيذية في منظمة غرينبيس، غوى النكت

لمست المديرة التنفيذية في منظمة غرينبيس، غوى النكت عن قرب كيف يتم تحييد وتهميش ممثلي الشعوب المتضررة والمدافعين عن الكوكب في مؤتمر المناخ COP27.

مع اقتراب انتهاء مؤتمر تغير المناخ لهذا العام، تتصاعد حدة المفاوضات والمحادثات، وتطفو على السطح ملامح نقاط الخلاف الرئيسية.

ومع الوعود التي قُدمت من رئاسة COP27 بأن يختلف هذا المؤتمر عن مؤتمرات المناخ السابقة، ليكون مؤتمر التنفيذ فقط وتحقيق المطالب وتعهدات المناخ، ارتفع سقف التوقعات بشأن الدور القيادي الذي سوف تلعبه مصر على صعيد العالم العربي وأفريقيا. إلى جانب الوصول إلى النتائج والأهداف المرجوّة من المؤتمر، والاستجابة لحالة الطوارئ المناخية التي تُعتبر أزمة وجودية بإمتياز.

بالرغم من أنّ الوقت يمر وينفذ أمام صنّاع القرار، لقد تمّ إحراز تقدمِ ضئيل وبطيء في الملفات المناخية حتّى هذه الساعة. مع العلم أنّ انتهاء مؤتمر الأطراف كما بدأ من دون أي تقدم ملموس، سيكون للعديد من المجتمعات الضعيفة بمثابة قنبلة موقوتة لكارثة المناخ.

لقد كان من المفترض أن يعكس مؤتمر هذا العام منطقتنا التي تُعاني، فيكون فعلياً مؤتمر الأطراف الأفريقي  فكنّا نتطلّع إلى أن يكون التركيز على سكان ومجتمعات الشرق الأوسط وإفريقيا، والجنوب العالمي الأوسع. وأن يعمل على إبراز أصوات المجتمعات الأكثر تضرراً من الأزمة المناخيّة، وعلى نتائج مبنيّة على حاجة الكوكب وسكّانه، لا على التفاصيل الإجرائيّة العقيمة التي تخدم جشع الملوّثين.

ومن المؤسف أن تسير الأمور في اتجاه وضع مصالح الملوثين فوق أي اعتبار. فكان هناك سيطرة من قبل صناعة الوقود الأحفوري على مؤتمر المناخ. إذ ارتفع عدد الوفود الممثلة لصناعة الوقود الأحفوري المُمدمّرة في قمة الأمم المتحدة للمناخ بنسبة 25%، مقارنة بالقمة السابقة. فتواجد أكثر من 600 شخص مرتبطين بصناعة الوقود الأحفوري. وهذا ما يجعل عدد ممثلي تلك الصناعة، أكبر من أعداد وفود الدول العشر الأكثر تأثراً بالتغير المناخي.

كانت آمالنا عالية بأن يُشكّل هذا الحدث المُنتظر فرصة حقيقية للدول الموجودة على الخطوط الأمامية لتغير المناخ، من أجل تغيير السردية الحاصلة والواقع الذي تعيشه. وأن يكون دعوة حقيقية للوفود العربية

لأن تلعب دوراً رئيسياً في الدفع باتجاه الحلول انطلاقاً من مصالح سكانّها.

ومما لا شك فيه بانّه سادت حالة من التفاؤل في بداية المؤتمر بعد إقرار بند تمويل الخسائر والأضرار لأوّل مرة على جدول أعمال مؤتمرات الأطراف. وذلك بعد حوالي 30 عام من المطالبة المستمرّة  بهذا الأمر من قبل الدول الأكثر عرضة وتأثراً لتداعيات تغير المناخ. فهذا الأمر هو عبارة عن إنجازٍ بحد ذاته. 

بالإضافة إلى ذلك، عمدت مجموعة الـ”77+ الصين” إلى تقديم نص اقترحت فيه إنشاء صندوق للخسائر والأضرار لتوفير التمويل للدول المتضررة من الكوارث المناخية. من أجل معالجة الخسائر والأضرار الاقتصادية وغير الاقتصادية المرتبطة بالآثار الضارّة لتغير المناخ، كنتيجةٍ حتمية للانبعاثات التاريخية والحالية من غازات الدفيئة. كما دعا وزراء 134 دولة من الجنوب إلى التزام سياسي تام، لإنشاء صندوق تمويل الخسائر والأضرار المناخية.

وفي وقت تُفقد الأرواح وتُدمّر المنازل ومستقبلنا كلّه يتعرّض للتهديد بسبب الآثار المروّعة لتغير المناخ، تعرقل وتمنع الدول الغنيّة والتي تتحمّل المسؤوليّة الكبرى من نسب الانبعاثات من إحداث أي تقدم في ما يتعلق بموضوع إنشاء صندوق تمويل الخسائر والأضرار. فوقفت دول مثل الولايات المتحدة ونيوزيلندا والنرويج وأستراليا (التي تأمل باستضافة مؤتمر الأطراف الـ31) وبعض دول الاتحاد الأوروبي، بوجه مطالب الدول النامية.

كما بذل الوفد السعودي المفاوض جهده في الوقوف بوجه أي تقدم ملموس في موضوع التخفيف، وعارض بشدة مسألة الحفاظ على هدف 1.5 درجة مئوية، والحاجة إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري. والجدير بالذكر أنّ لطالما كانت الوفود العربية المفاوضة من أبرز الجهات التي وقفت بوجه طموح التخفيف. ويبدو أنّهم لا يزالون يتبعون النهج نفسه حتّى اليوم.

انطلاقاً من هنا، لم يتغيّر بالنسبة لنا هدف مؤتمر المناخ لهذا العام. لذا من أجل تحقيق نجاحه، يتوّجب أن ينص القرار النهائي لمؤتمر COP27  بوضوح على إنشاء مرفق مالي للخسائر والأضرار. بالإضافة إلى تمويل جهود التكيف وتمويل الانتقال الأخضر للبلدان النامية. إلى جانب تسريع عملية التخلص التدريجي من استخدام الوقود الأحفوري بشكل عادل، بما يتماشى مع هدف 1.5 درجة مئوية.

لذلك، يتوّجب على قادة العالم أن يتجاهلوا منصات الشركات التجارية العملاقة وجيوش جماعات الضغط التابعة لشركات النفط. وأن يستمعوا إلى ممثّلي المجتمعات والدول الأكثر تضرراً من تغيّر المناخ، والذين يتحمّلون أقل مسؤوليّة في الانبعاثات، لكنّهم يواجهون أكبر الخسائر.

تستوجب مثل هذه القضايا الخطيرة مستوى عالٍ من الجديّة من قبل القيادات، لفهم الارتباط بين التكيّف وتقليل الأضرار وموضوع تعويض الخسائر والأضرار، ومعرفة الفرق بين دورة تمويليّة صحيّة وأخرى مفرغة. واتخاذ القرارات الصحيحة، لكي يرث أحفادنا كوكبًا صالحًا للسكن.

لن نصل إلى أهدافنا وننجح في معركتنا، إلّا من خلال الحفاظ على وحدتنا كلّنا؛ أي من المجتمع المدني إلى المجتمعات على الخطوط الأمامية لأزمة المناخ، وصولاً إلى السكان الأصليين والشباب. ويجب أن تبقى أصواتنا مرفوعة بوجه كل من يريد أن يبقينا أسرى لهذا النهج القديم والمُدمّر، والدفع باتجاه اتخاذ قرارات شجاعة بمؤتمر الأطراف.

لا شك أنّ الطريق أمامنا طويل وشاق، فهذه ليست سوى البداية!


#عدالة_مناخية_الآن

قبيل مؤتمر المناخ COP27، يسلط تقرير “مختبرات غرينبيس للبحوث” الضوء على ضرورة العمل العاجل لمواجهة الاحترار، وشح المياه والخطر على الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

انضم إلينا